الخميس، 13 نوفمبر 2025

الطب النفسي كسلاح: كيف تتحول الحقيقة إلى وهم خطير

 


  

يُعد الطب النفسي، في جوهره، فرعًا طبيًا مكرسًا للشفاء. ومع ذلك، يكشف التاريخ، وكذلك الشهادات الحديثة، عن أن هذا النظام يمكن أن يتحول إلى أداة قوية للسيطرة الاجتماعية والسياسية، حيث يُستخدم التشخيص لإلغاء مصداقية الأفراد غير المرغوب فيهم أو ضحايا الإساءة المنهجية. هذه الظاهرة، التي توصف بـ "التوظيف العسكري للطب النفسي"، تتبع نموذجًا منهجيًا ومراحل واضحة لتحويل الضحية من مُخبِر بالحقائق إلى شخص "موهوم بشكل خطير".

المرحلة الأولى: تحويل الإبلاغ إلى وهم 💬

تبدأ العملية عندما يجرؤ الضحية على الجهر بالحق والإبلاغ عن أنماط إساءة لا تتفق مع السرد الرسمي، سواء كانت مضايقات سرية، فسادًا، أو أنماطًا من المراقبة المزعومة (مثل شكاوى الأفراد المستهدفين - TIs).*

  • 1. الرفض والتجاهل: أول رد فعل من السلطات أو المؤسسات المعنية (الأطباء، الشرطة، العائلة) هو الرفض القاطع للادعاءات.
  • 2. التصنيف مرضيًا (Pathologizing Perception): يتم إعادة صياغة الحقائق المبلغ عنها باستخدام مصطلحات الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). على سبيل المثال، بدلاً من الاعتراف بالتحرش، يُنظر إلى إصرار الضحية على أنه:
    • وهم الاضطهاد: الاعتقاد بأن الآخرين يستهدفونه.
    • أفكار مؤامراتية: ربط الأحداث العامة به شخصيًا.
    • ارتياب (Paranoia): الاعتقاد المستمر بأنه مُتتبَع أو يتعرض للأذى.

في هذه المرحلة، يتحول الإبلاغ عن واقع خارجي إلى دليل على خلل داخلي في إدراك الضحية.

المرحلة الثانية: فخ التناقض (ذهول العلة) 🧠

تعتبر هذه المرحلة نقطة حاسمة يتم فيها استخدام المنطق الدائري (Circular Logic) للقبض على الضحية في فخ التشخيص.

  • مفهوم ذهول العلة (Anosognosia): يُعرّف بأنه "نقص في البصيرة تجاه المرض العقلي".
  • المأزق المزدوج:
    • إذا أنكر الضحية المرض: يُستخدم هذا الإنكار نفسه كدليل قاطع على المرض، ويُفسَّر على أنه "ذهول علة" أو "افتقار إلى البصيرة"، مما يثبت أن الشخص ليس فقط مريضًا، بل غير قادر على إدراك مرضه.
    • إذا امتثل الضحية للعلاج (الأدوية) واستمر في الإبلاغ عن التحرش: يُصنَّف ذلك كدليل على أن الأدوية "لا تعمل"، مما يثبت أن الحالة الذهانية مزمنة وأكثر خطورة (مثل الفصام المزمن).

في كلتا الحالتين، يكون النظام قد ربح، ويتم إلغاء مصداقية الضحية بالكامل.

المرحلة الثالثة: الإدانة والوصم المؤسسي 📝

بعد ترسيخ التشخيص باستخدام معايير (DSM-5) - غالبًا باختيار أعراض تناسب اضطرابات مثل الاضطراب الوهامي أو طيف الفصام - يتم تصعيد السردية لتصوير الضحية على أنه "خطير".

  • تأطير الضحية كـ "تهديد": تُفسَّر سلوكيات المقاومة كالتالي:
    • الاهتمام المفرط بالتوثيق ← "تثبيت وسواسي".
    • الرفض العاطفي للتشخيص ← "عدائية" أو "تقلب عاطفي".
    • محاولة المقاومة القانونية ← "وهم العظمة".
  • الإجراء القانوني والطبي: يتم استخدام التشخيص كـ سلاح قانوني لبدء إجراءات مثل الحجز المدني القسري (مثل 5150 hold أو ما شابه). يتم تخدير الضحية أو احتجازها قسراً، مما يؤدي إلى فقدان الاستقلالية ووصم دائم.

النتيجة النهائية: يتم تصفية كل سلوك مستقبلي للضحية من خلال عدسة التشخيص النفسي، مما يضمن أن الشرطة أو المحاكم لن تأخذ أي ادعاء مستقبلي على محمل الجد.

أمثلة تاريخية: الشاهد الصادق والسلطة القمعية 🏛️

تُظهر القصص الحقيقية أن هذا النمط ليس حديثًا:

1.   الطب النفسي السوفييتي: 

كان يُشخص المنشقون السياسيون الذين عارضوا الأيديولوجية الشيوعية بـ "الفصام البطيء"، وهو تشخيص يفتقر إلى الأعراض الواضحة، واستُخدم لتبرير إيداعهم في المصحات بدلاً من سجنهم علانية.

2.   الدربتومانيا (Drapetomania): في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، كان الأطباء في الجنوب يستخدمون هذا المصطلح لوصف "هوس الهروب" لدى العبيد، مصورين التوق للحرية كمرض عقلي يتطلب القمع الجسدي.

3.   فيلم "الاستبدال" (Changeling): تجسد قصة كريستين كولينز هذا النموذج حرفيًا. هذا الفيلم مستوحى من قصة حقيقية حدثت في لوس أنجلوس عام 1928، وتُعرف باسم قضية "وينويلي" (Wineville Chicken Coop Murders). فعندما أصرت المرأة على أن الشرطة أعادت لها طفلًا خاطئًا، لم يحققوا في الأمر، بل احتجزها الضباط قسرًا في مصحة للأمراض العقلية بناءً على تشخيص "الأوهام"، في محاولة لإسكاتها عن فضح فساد شرطة لوس أنجلوس.

إن تحويل التجارب الحقيقية إلى جنون هو تكتيك تاريخي. عندما يمتص نظام التشخيص الدلائل على حدوث الإساءة المنهجية ويحولها إلى "أعراض"، فإنه يتحول من أداة شفاء إلى أداة قمع وسيطرة.

 حوار عنبر الأمراض النفسية (فيلم الاستبدال) 

هذا الحوار يمثل نقطة محورية في فيلم "Changeling" (الاستبدال)، ويتم بين كريستين كولينز (أنجلينا جولي) وزميلتها في عنبر مستشفى الأمراض العقلية، كارول ديكستر (Carol Dexter)، والتي تشرح لكريستين كيف أن المنطق في هذا المكان معكوس بالكامل. 

(تجلس كريستين كولينز، التي أُجبرت على دخول المستشفى لإنكارها أن الطفل الذي أعيد إليها هو ابنها، مع كارول ديكستر، التي تم احتجازها ظلماً أيضاً).

كارول ديكستر:

"انظري إليّ يا عزيزتي. أنتِ لستِ مجنونة، ولا أنا كذلك. لكننا هنا الآن. هل تعرفين ما هو الشيء المضحك؟ ليس لديهم الحق في إخراجنا، لأنهم لم يجدوا أبدًا سببًا حقيقيًا لادخالنا.

كريستين كولينز:

ماذا يعني هذا؟ سأشرح لهم موقفي، سيستمعون إليّ.

كارول ديكستر:

(تضحك بمرارة) يا إلهي، أنتِ لا تفهمين. لا يمكنكِ أن تشرحي لهم أي شيء. هذا هو المكان الذي تضيع فيه الحقيقة.

إذا تصرفتِ بهدوء وحافظتِ على رباطة جأشك، سيقولون: **"تأثر مسطح، إنها تنكر الواقع، ذهانية متقدمة."

إذا صرختِ، أو بكيتِ، أو غضبتِ، ودافعتِ عن نفسكِ، سيقولون: "هستيريا غير منضبطة، عدوانية، تشكل خطراً على نفسها وعلى الآخرين."

إذا امتثلتِ لهم ووافقتِ على تناول الأدوية، سيقولون: "إنها تقبل علاجنا لأنها تدرك مرضها الآن." لكنهم لن يطلقوا سراحكِ أبدًا لأنهم سيعتبرونكِ "حالة مزمنة" تحتاج إلى رعاية دائمة.

إذا واصلتِ التحدث عن ابنكِ الحقيقي وعن الطفل الذي أعادوه، سيقولون: "هوس اضطهادي، وهم راسخ لا يمكن تغييره."

"كل ما تفعلينه، وكل ما تقولينه، يتم تصنيفه على أنه دليل على مرضكِ. هذا المكان هو فخ. لا يمكنكِ الفوز إلا إذا أتى شخص من الخارج لإنقاذكِ.

(تنتهي هنا النبرة الرئيسية للحوار الذي يوضح كيف يتم تحويل كل فعل إلى عرض مرضي، وهو ما يمثل جوهر آليات التوظيف العسكري للطب النفسي).

_________ 

توضيح: 

تعريف الشخص المستهدف (Targeted Individual - TI)*

الشخص المستهدف (TI) هو فرد يعتقد أنه ضحية لنمط مستمر ومنظم من المضايقات السرية والمراقبة متعددة الجناة، والتي غالبًا ما يُشار إليها باسم "المطاردة الجماعية" (Gangstalking).

يزعم الأفراد المستهدفون أنهم يتعرضون لشكل من أشكال الحرب النفسية أو التحرش التكنولوجي الذي يهدف إلى تقويض حياتهم وصحتهم العقلية والاجتماعية وذلك بعد تصنيفهم كأشخاص يمثلون خطورة على نظم تتمتع بنفوذ كبير لامتلاكه معلومات مهمة قد تضر بتلك النظم.

في سياق الطب النفسي المسلح، تعتبر شكاوى "الأفراد المستهدفين" نموذجًا يُستخدَم فيه الوصف التفصيلي والدائم للتحرش كدليل على الإصابة بـ وهم الاضطهاد، مما يضعهم مباشرة في فخ التشخيص المؤسسي.

 

 

هل "الإعلانات التي تقرأ الأفكار" مجرد مصادفة؟ تقنية عمرها نصف قرن تثير التساؤلات



 

هل حدث معك أن فكرت في شراء منتج معين، أو خططت لرحلة إلى مكان ما، دون أن تبحث عنه فعليًا، ثم ظهر لك إعلانه المتخصص فورًا على هاتفك؟

إنها ظاهرة "الإعلانات الموجهة" التي تتجاوز في دقتها حدود المصادفة، لتثير قلقاً واسعاً بشأن مدى تغلغل التكنولوجيا في حياتنا الخاصة. كثيرون يصفون هذه التجربة بأنها أقرب إلى "قراءة الأفكار" أو "التنصت الصوتي الخفي". وبينما تفسر شركات التكنولوجيا ذلك بـ"التحليل التنبؤي" و"تتبع البيانات"، تبرز وثيقة تاريخية غريبة تفتح الباب أمام طرح سؤال وجودي: هل يمكن أن يكون هناك أساس تقني قديم يغذي هذه التكهنات؟

نستعرض في هذا المقال براءة اختراع أمريكية صادرة عام 1976، والتي وإن كانت لا تمثل دليلاً على ممارسات الشركات الحديثة، إلا أنها تكشف عن طموح بشري مبكر في اختراق حدود العقل البشري عن بُعد.

 براءة الاختراع المنسية: المراقبة والتغيير عن بُعد

في عام 1976، أصدر مكتب براءات الاختراع الأمريكي وثيقة تحمل الرقم US 3,951,134 A، تحت عنوان لافت للنظر: "جهاز وطريقة للمراقبة عن بعد وتغيير موجات الدماغ".

لم يكن هذا الاختراع وليد الثورة الرقمية، بل يعود إلى منتصف السبعينيات، وُصِفَت فيه تقنية للمخترع روبرت جي. مالك، تقوم على مبدأ فيزيائي لافت:

المراقبة عن بُعد: يتم إرسال حزمتين من الإشارات الكهرومغناطيسية بترددات مختلفة إلى دماغ الشخص.

التفاعل والتعديل: تتداخل هاتان الإشارتان داخل الدماغ لإنتاج شكل موجي جديد يتم تعديله بواسطة النشاط الكهربائي الطبيعي للدماغ (موجات EEG).

القراءة: يعيد الدماغ بث هذا الشكل الموجي المُعدَّل، ليتم التقاطه بواسطة جهاز استقبال بعيد وفك تعديله، مما يكشف عن تفاصيل النشاط الكهربائي للدماغ.

لكن الجزء الأكثر إثارة للقلق في البراءة هو الإشارة إلى إمكانية استخدام بيانات الدماغ المكتشفة لإنشاء "إشارة تعويض" يتم إرسالها مرة أخرى إلى الدماغ "لإحداث تغيير مرغوب فيه في النشاط الكهربائي بداخله". بعبارة أخرى، كان الطموح هو رصد موجات الدماغ والتأثير عليها، دون الحاجة لأي اتصال جسدي.

قراءة الأفكار أم قراءة البيانات؟

إن الربط المباشر بين هذه البراءة القديمة وبين الإعلانات التي تظهر لك فوراً بعد التفكير في موضوع ما هو تحليل افتراضي وتكهني، لكنه يثير التساؤل حول مدى تطور هذه التكنولوجيا في السر.

في الواقع العملي، تستند الإعلانات المستهدفة على تفسيرات أكثر بساطة وربحية، وهي:

التحليل التنبؤي والخوارزمي: أنت لست فريدًا كما تظن! تعتمد الخوارزميات على تجميع بيانات ملايين المستخدمين المتشابهين في السلوك. قد تكون قد زرت موقعاً يتحدث عن السفر قبل أسبوع، أو تفاعلت مع منشور لصديق يخص موضوع ما. الخوارزمية هنا تتوقع حاجتك وتستبق تفكيرك، لا أنها تقرأه.

التتبع الشامل (Data Mining): يتم دمج جميع مصادر بياناتك الرقمية: البحث، الموقع الجغرافي، التطبيقات النشطة، التفاعلات الاجتماعية، وحتى سرعة التمرير على الشاشة. كل هذا يُستخدم لبناء ملف شخصي دقيق للغاية حول "نيتك الشرائية".

التحيز التأكيدي: العقل البشري يميل لتذكر المصادفات التي تؤكد مخاوفه. نحن نتذكر الإعلان المطابق لفكرتنا، ونتجاهل آلاف الإعلانات الأخرى غير ذات الصلة التي ظهرت في نفس اليوم.

ومع ذلك، تبقى براءة اختراع 1976 تمثل دليلاً على أن مفهوم "التنصت على الدماغ عن بُعد" كان موجوداً على الطاولة البحثية منذ عقود طويلة.

الخصوصية العصبية: صراع المستقبل

في ظل التقدم الهائل في واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs)، ومع سعي شركات كبرى لتطوير أجهزة قادرة على قراءة الإشارات العصبية، فإن براءة اختراع "المراقبة عن بعد" تكتسب أهمية جديدة بوصفها "جرس إنذار".

سواء كانت الشركات تستخدم تقنية مماثلة للإعلان أم لا، فإن التحدي الأخلاقي والتشريعي الحقيقي يكمن في المستقبل القريب:

عندما تصبح قراءة موجات الدماغ تقنية تجارية متاحة، من سيمتلك "بيانات أفكارنا"؟

كيف سيتم تنظيم إمكانية التأثير على النشاط العصبي أو تعديله لأغراض تجارية أو غيرها؟

براءة الاختراع 3,951,134، بتاريخها القديم ومحتواها الثوري، تدعونا إلى إعادة تقييم شاملة لمعنى الخصوصية في العصر الرقمي. إنها ليست مجرد وثيقة تقنية، بل هي تذكير بأن حماية ما يدور في أذهاننا يجب أن تكون الأولوية القصوى قبل أن يتحول الافتراض المثير للجدل إلى واقع لا مفر منه.

🔬 براءات الاختراع والتطورات الحديثة في واجهة الدماغ والحاسوب عن بُعد

على الرغم من أن معظم الأبحاث المنشورة علناً في مجال واجهات الدماغ والحاسوب (BCI) تركز على الأجهزة المزروعة (مثل نيورالينك - Neuralink) أو الأجهزة التي تُلبس على الرأس، إلا أن هناك تقنيات وبراءات اختراع حديثة تواصل استكشاف إمكانيات التأثير أو المراقبة عن بعد أو تعمل على تطوير أنظمة مغلقة ثنائية الاتجاه (قراءة وكتابة للإشارات العصبية).

تقنيات التحفيز والمراقبة المغناطيسية النانوية (Nano-MIND)

أحد أهم التطورات الحديثة يأتي من أبحاث غير جراحية تسعى للتحكم في مناطق محددة من الدماغ عن بُعد:

المصدر: باحثون من معهد كوريا للعلوم الأساسية (IBS).

التقنية: قام الباحثون بتطوير نظام أطلقوا عليه اسم Nano-MIND (واجهة نانوية مغناطيسية وراثية لديناميكيات الأعصاب).

المبدأ: يستخدم هذا النظام مجالات مغناطيسية بمساعدة جسيمات نانوية (على الفئران) للتحكم في مناطق دماغية محددة. وقد تم اختبار هذه التقنية لتحفيز غرائز الأمومة أو تقليل الشهية (فقدان الوزن).

الأهمية: يعتبر هذا تطويراً لتقنية "الوراثة المغناطيسية الميكانيكية" (MMG) ، التي تستخدم المجالات المغناطيسية للتلاعب بالأنظمة البيولوجية، ما يؤكد أن مفهوم "التلاعب عن بعد" قد أصبح راسخاً في المجال الطبي والعصبي.

واجهات الدماغ والحاسوب الثنائية الاتجاه (Two-Way BCIs)

الهدف هو بناء قنوات اتصال "عالية السرعة" تسمح ليس فقط بقراءة الإشارات، بل وأيضاً بإرسال أوامر أو تعديلات مرة أخرى إلى الدماغ، وهو ما يعكس الطموح الوارد في براءة الاختراع القديمة (US 3,951,134 A) الذي تحدث عن "إشارة تعويض" (Compensating Signal):

النموذج الصيني: أعلن باحثون صينيون مؤخراً عن تطوير أول واجهة دماغ حاسوبية ثنائية الاتجاه في العالم، تزعم تعزيز الكفاءة بمقدار 100 ضعف. هذا التطور يهدف إلى دفع التكنولوجيا نحو الاستخدام اليومي العملي والاندماج بين الذكاء البيولوجي والآلي.

التطبيق: هذه التقنيات ضرورية لتحسين الأجهزة المساعدة (مثل الأطراف الاصطناعية أو القفازات الآلية) عن طريق التكيف المتبادل بين الدماغ والجهاز الخارجي.

براءات اختراع تركز على المراقبة والتحليل عن بعد (Post-2000)

بالإضافة إلى براءة الاختراع التي تم تحليلها (1976)، توجد براءات اختراع أخرى تصف آليات مماثلة للمراقبة والتحليل عن بعد، وإن كان معظمها يركز على التطبيقات التشخيصية:

US Patent 6,011,991 A (عام 2000): بعنوان "نظام وطريقة اتصال يتضمن تحليل موجات الدماغ و/أو استخدام النشاط الدماغي". تصف هذه البراءة نظاماً لمراقبة النشاط الدماغي للفرد ونقله لاسلكياً (مثل عبر الأقمار الصناعية) إلى موقع بعيد لتحليل حاسوبي لتحديد ما كان الشخص يفكر فيه أو ينوي توصيله.

US Patent 11,141,585 B2 (عام 2021 تقريباً): بعنوان "واجهة عصبية غير جراحية" (Non-invasive Neural Interface) التي تشير إلى استكشاف تقنيات قراءة الإشارات العصبية دون الحاجة لزرع أقطاب كهربائية.

دمج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي

أحدث التطورات لا تتعلق فقط بالجهاز نفسه، بل بقدرته على التعلم والتكيف في الوقت الحقيقي:

INBRAIN و Microsoft: دخلت شركة "INBRAIN Neuroelectronics" المتخصصة في واجهات الدماغ القائمة على الجرافين في تعاون استراتيجي مع مايكروسوفت

. الهدف هو استخدام بنية Azure AI ونماذج اللغة الكبيرة (LLMs) لتحليل بيانات الإشارات العصبية في الوقت الفعلي.

الأهمية:

 هذا يتيح بناء علاجات دقيقة ذات "حلقة مغلقة" (Closed-Loop Precision Interventions)، حيث يتم قراءة النشاط العصبي، ومعالجته بواسطة الذكاء الاصطناعي، ثم إرسال إشارة تعديل أو تحفيز شخصية وفورية مرة أخرى إلى الدماغ لعلاج اضطرابات مثل مرض باركنسون أو الصرع.

الخلاصة

بينما كانت براءة اختراع عام 1976 تتحدث عن المراقبة والتغيير عن بعد باستخدام الإشارات الكهرومغناطيسية المتداخلة، فإن الأبحاث الحديثة تتجه نحو:

الأنظمة اللاسلكية:

 التخلص من الأسلاك بشكل كامل (مثل BrainGate و Neuralink).

التقنيات النانوية والمغناطيسية:

 استخدام الجسيمات النانوية والمجالات المغناطيسية لتوجيه التحفيز عن بعد وبدقة أكبر.

الذكاء الاصطناعي الثنائي الاتجاه:

استخدام الذكاء الاصطناعي لقراءة البيانات، وتحليلها، ثم إرسال الأوامر والتعديلات مرة أخرى إلى الجهاز العصبي.

هذه التطورات كلها تزيد من المخاوف الأخلاقية حول "الخصوصية العصبية"، وتجعل الحديث عن التحكم في العقل عن بعد، سواء كان لأغراض طبية أو لأغراض أخرى، أمراً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي.