الوهـــم 2


 

وهم الثورة

 عندما فشلت ثورة يناير في تحقيق أهدافها، من ديمقراطية وعدالة اجتماعية وقضاء على الفساد وتنمية حقيقية، شعرنا جميعا بخيبة أمل لا مثيل لها، فكلما ارتفع سقف توقعاتك، كلما زادت خيبة أملك عندما تفشل هذه التوقعات، أو أسوأ عندما تأتي بنتائج عكسية.

فكان علينا أن نحلل ونحاول أن نفهم أسباب فشل الثورة، وعلى سبيل المثال: هل المشكلة أن الثورة كانت قصيرة الأمد فيما يشبه (هوجة) فلم تنضج بصورة كافية لتحقيق مآربها؟

ثورتي لبنان والسودان

هذا الزعم لم يكن حقيقيا مع الأسف، فثورتي لبنان والسودان مر عليهما أكثر من عام، لم يستسلم الناس ولم يعودوا إلى ديارهم، ولم تنطفئ حماستهم، ولكن وحتى الأن، لا يسير الأمر إلا من سيء لأسوأ ولم ينال الناس مبتغاهم.

إذا هل كانت المشكلة أننا لم نصبر على حكم الرئيس "المنتخب" وأننا بعد أن شعرنا أن الأمور لا تسير على ما يرام نادينا بعزله؟

ثورة تونس

هذا الأمر ايضا لم يكون حقيقي، ففي تونس على سبيل المثال، صبروا على رئيسهم المنتمي لجماعة الإخوان وحتى استبدلوه بأخر، وصبروا على الأخر وحتى توفاه الله، ثم اختاروا أستاذ الجامعة المتعلم المثقف، والخطيب المفوّه، ولكن .............. لاشئ

لم يحدث أي تغيير يذكر في حياة الناس، ومازال هؤلاء يفضلون إنهاء حياتهم بسبب الفقر وعدم وجود فرص، بل أن بعضهم قد يلجأ إلى تفريغ غضبه وخيبة امله في صورة عملية إرهابية هنا أو هناك.

هل كان يجب أن تتمتع الثورة بقوة مسلحة تواجه بها عنف الأجهزة السيادية؟

ثورة سوريا

على ما يبدو أن ذلك كان أسوأ خيارات الثورة، فلقد تسبب الأمر في انهيار عام شامل للبلاد، ووفاة الملايين وتهجير الباقين، وأضحت البلاد ركام تنعق فيه الغربان.

هل يجب على الثوار نيل تأييد خارجي أو الاستعانة بقوى خارجية؟

ثورتي العراق واليمن

هذا الخيار أيضا أثبت فشلا ذريعا، فالقوى الخارجية لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها، ولا يوجد قوة خارجية يمكن أن تسوق السلاح والجنود لحمل الديمقراطية والحقوق لأصحاب البلد، وإنما دائما ما تهدف إلى تحقيق مصالحها الخاص، ولم ينال أهل البلدين إلا المزيد من الفقر والقهر والقتل.

إذا ما العمل؟

إن نظرة فاحصة على مؤيدي وداعمي النظم المتسلطة تعطيك فكرة واضحة عن هؤلاء، فهم دائما مجموعة من الحثالة المنتفعين الفاقدين لأي موهبة اللهم إلا موهبة النفاق والتملق ولحس الأحذية.

ولذلك بمجرد أن تمنع عنهم ما يصل إليهم من منافع سيبدأون في الصراخ، وينقلبون 180 درجة على سيدهم، كما تجوّع كلبك، والنماذج على ذلك كثيرة وأكثر من الحصر.

ولذلك فإن هذا النوع من الأنظمة يأكل نفسه بنفسه، ولا يمكن أن يصمد طويلا، فهو قائم بأكمله على مساومات، ومصالح فاسدة، ما يجعل كيانهم آيل للإنهيار عند أول هبّة ريح. قد يبدو الحديث سلبيا ولكنه حقيقيا للغاية.

تعليقات