الملائكة هي كائنات تجعل من الحياة أجمل، وهي لا تفرّق بين البشر بعضهم البعض على أساس الثراء أو الجمال ولا تهتم كثيرًا بالأعراق والألوان والأجناس، هي فقط تلمس ما في قلبك من حب ورحمة وجمال وصلاح ثم هي تعطيك بركتها وحبها ودعمها الغير مشروط، ولا تستبدلك أبدًا تحت اي إغراء .. وكذلك القطط!!
في بيتنا بطوط
إن تربية أبنائك على المحبة والرأفة بالمخلوقات كافة يمكن أن يجعلهم بشر رائعين وكذلك ربيّت ابنتاي، وفي المقابل تعلمت منهما ما هو أكثر من ذلك، فلقد جعلتاني أرى الكائنات الآخرى بعين مختلفة وأدرك روعتها وخصوصيتها. ولقد حاولتا في الكثير من الأوقات إقناعي بإحضار حيوان أليف إلى المنزل، ولكن لأن تخصصي الأساسي كان علم الميكروبات كنت اتراجع عن ذلك خوفًا عليهما.
وحتى ذهبت ابنتي الكبرى إلى رحلة مدرسية ثم عادت مصطحبة معها ضيفًا صغيرًا أصفر اللون، عرفتني عليه على أنه الأستاذ بطوط.
لم اعرف ماذا أفعل مع هذا الضيف الصغير البرئ، فضممته إلى أسرتنا الصغيرة، وبدأت في وضع مسؤوليات سيادته ضمن مسؤولياتي اليومية، فعلينا إحضار منزل مناسب للسيد بطوط، ونوفير الطعام المناسب للسيد بطوط، وتنظيف بيت السيد بطوط.
وعلى الرغم من أنني قبل معرفتي الشخصية بالسيد بطوط كان تعاملي مع هذه الكائنات الرائعة قاصرًا على كيفية إعداد أطباق شهية منها، إلا أنني بعد معاشرتي لهذا الكائن تبين لي أن له شخصيته المتميزة وأنه يفهم ويشعر ويحب وله لغة خاصة يمكنك فهمها إذا ما تابعتها يومًا بعد يوم.
وارتبطت ابنتي بهذا المخلوق البرئ الجميل بدرجة كبيرة ولذلك وبعد انتهاء تعاقدي مع المستشفى التي كنت اعمل بها في الخارج واضطرارنا إلى حزم امتعتنا والعودة إلى الوطن، كان أصعب شئ علينا هو ترك السيد بطوط بعد العلاقة القوية التي جمعتنا به.
وبكت جميلتي الرائعة لأيام متواصلة، فوعدتها أن أول ما سأفعله عندما نحط الرحال هو إحضار قط إلى المنزل فسكتت على مضض.
كوكي
وتنفيذًا لوعدي ذهبنا معًا إلى أحد متاجر الحيوانات الأليفة ونظرنا إلى قفص القطط لتبني أحدهم، وبمجرد ان وقعت عيوننا على كوكي وقعنا في غرامه من النظرة الأولى.
لقد كان كوكي الأكثر نشاطًا في وسط أقرانه، وعيناه تنم عن ذكاء وانتباه ولقد بادلنا الاهتمام، فحملناه إلى المنزل وعدنا أدراجنا، ولقد كان أجمل قرار اتخذناه منذ عودتنا من السفر.
إن كوكي هو بهجة المنزل ينشر الحب والجمال والرشاقة من حوله، ويوزع الاهتمام علينا بدون تمييز. إذا وجدني متعبة يأتي ويواسيني، وهو حريصًا على أن يكون أجمل وجه تتفتح عليه عيوننا عند الاستيقاظ من النوم.
إذا خرج أحدنا للعمل أو لبعض المشاوير، يمكنه سماع صوت كوكي المرحب من قبل أن يفتح باب الشقة.
هو الحب الغير مشروط والجمال اللانهائي، ومجرد مراقبة تصرفاته يمكن أن يدخل على نفوسنا السرور والسعادة. كما أن بإمكانه أن يقول لك "أحبك" بالعديد من اللغات!
إن كل إنسان في حاجة إلى قط لأنهم بمثابة ملائكة جائت لإزالة بعض اسباب الشقاء والحزن من نفوس البشر ومعالجتهم بافضل مما يمكن أن يفعل المعالج النفسي.
لقد اصبح كوكي طفلنا المدلل وصديقنا الرائع الجمال، وحتى أن خروجه إسبوع دون أن نعرف مكانه كان من اسوأ التجارب التي مررنا بها على الرغم من أن حياتنا لا تخلو من التجارب السيئة.
ولكنه عاد بنفسه، لأنه يعرف كم نحبه وكم نحن بحاجة إلى وجوده، فنحن أسرة واحدة، ولا شئ يعادل الأسرة المتحابة المترابطة وخاصة إذا كان أصغر فرد فيها "قط".
