الخميس، 16 ديسمبر 2021

حلاق النزاهة ولانجيري الشفافية

 



ليس من الغريب أن نقرأ على لافتات المتاجر أسماء تضم في طياتها معاني الشرف والأمانة والخير بغض النظر عن أن ذلك  قد لا يتجلى في الكثير من الأحيان في تعاملات العاملين بها، أو في الخدمات التي تقدمها هذه المتاجر.

ولكن امتد الأمر الأن إلى أسماء السياسيين وتصريحات الفنانيين وتصرفات الناس، وتحولت كل القيم والمثل إلى مجرد ملصق لا يعني أي شئ ولا يدل على ما للفظ من مضمون ومعنى.

تحولت وسائل التواصل الاجتماعية على سبيل المثال لقوات مكافحة الفكر الحر، حتى أن صورة قمت بنشرها منذ عشرة سنوات لدعم القضية الفلسطينية، قد تتسبب لك في الحظر بدعوى أنها تناهض قيم مجتمعهم الميمون!

يتحدث السياسيون بملئ الفم عن حب مصر و"ما تقولش إيه اديتنا مصر .. قول هندي إيه لمصر" وما يلبث هؤلاء أن يتم القبض عليهم ضمن قضايا فساد ورشوة!

تخبرك الفنانة أنها لم ولن تغير من ملامحها أو ترضخ للضغوط الخارجية، وتجد أنها لم تترك وسيلة لتحسين ملامحها وقوامها إلا واستخدمتها!

يتحدث الناس عن الشهامة والتدين والأخلاق بينما هم يفعلون كل ما هو عكس ذلك بفجاجة شديدة، حتى أنهم لا ينسون ذكر الله مع كل رشوة وكل مفسدة ويدعونه بإخلاص شديد أن يسدد خطاهم نحو الفساد والنهب وتنفيذ المكائد.

يربي الرجل لحيته ويجعل زوجته وابنته يرتدين الخمار ويحفظن القرآن ويهمل في عمله ويستبيح الكذب وأكل الحقوق.

تدعي الدول أنها حريصة على الحقوق والحريات وأن إعلامها حر كما الطير بينما هي لا تنفك تصدر قوانين للمنع والقمع، وتسجن الصحافيين، وتعتقل النشطاء وتنكل بالحقوقيين، وتدعي اهتمامها بحقوق الإنسان في بلدان أخرى، بينما لا يكون ذلك عادة إلا وسيلة للإبتزاز وعقد الصفقات.

منذ وقت قريب انتشر فيديو لامرأة سوداء البشرة تطاردها فتاة بيضاء وتضايقها وتسيء لها، فلما قامت الفتاة السوداء بتصويرها في المتجر لإثبات فعلها، صرخت الفتاة البيضاء وارتمت على الأرض وبكت لانتهاك خصوصيتها وتصويرها!

تدعي الدول أنها تحكم بالقانون ولديها قضاء نزيه وعادل بينما تتذيل في كل عام قائمة مؤشر سيادة القانون في الدول!

لقد أصبحت الكثير من الألفاظ لا تعني شيئًا من كثرة ما تم ابتذالها بألسن من يمثلون عكسها على طول الخط ومن ذلك "نزاهة" و "شفافية" و "وطنية" و "إخوة" و "متدين بطبعه" والكثير من الألفاظ والسمات التي أصبحت لا تلصق إلا على مسخ لا يجعل منها إلا مثارًا للسخرية والتندر.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق