الأحد، 15 يونيو 2025

هل تسائلت يومًا عما إذا كان هؤلاء يكذبون علينا أم على أنفسهم؟

 



الكذب على النفس (التضليل الذاتي):

في بعض الحالات، لا يكون الشخص يكذب عن قصد، بل يصدّق فعلاً الرواية التي يرويها عن نفسه. هذا يحدث عندما يعيد الشخص صياغة أفعاله أو دوافعه في عقله لتتماشى مع صورة إيجابية عن الذات. على سبيل المثال، قد يقنع متنمر نفسه أنه "يعلّم الآخرين درساً" بدلاً من الاعتراف بأنه يؤذيهم. هذا يساعده على تجنب الشعور بالذنب أو الخزي.

التنافر المعرفي:

عندما يتعارض سلوك الشخص مع قيمه أو الصورة التي يريد أن يراها في نفسه، يشعر بعدم راحة نفسي (تنافر). لتخفيف هذا التوتر، قد يلجأ إلى تغيير إدراكه للواقع، مثل أن يقول مجرم حرب إنه "يدافع عن المثل العليا" ليبرر أفعاله بدلاً من مواجهة حقيقة جرائمه.

إعادة تشكيل الواقع في الدماغ:

الدراسات العصبية تشير إلى أن الكذب المتكرر يمكن أن يؤثر على تركيب الدماغ، خاصة في مناطق مثل اللوزة الدماغية (مركز الاستجابات العاطفية) والقشرة الأمامية (مركز اتخاذ القرار). عندما يكذب الشخص بشكل متكرر، يصبح أقل حساسية تجاه الشعور بالذنب أو التناقض، مما يجعله أكثر اقتناعاً بكذبته. هذا قد يفسر لماذا لا يرى البعض "فداحة" كذبهم.

النرجسية والدفاعات النفسية:

الأشخاص ذوو السمات النرجسية أو السيكوباتية قد يبالغون في تصوير أنفسهم كأبطال أو ضحايا لأنهم يفتقرون إلى التعاطف أو القدرة على رؤية أنفسهم بعيون الآخرين. دفاعاتهم النفسية (مثل الإسقاط أو الإنكار) تجعلهم يرون أنفسهم دائماً على حق، حتى لو كانت أفعالهم واضحة في تناقضها.

هل يكذبون على أنفسهم؟

في كثير من الحالات، نعم. التضليل الذاتي هو آلية دفاعية للحفاظ على احترام الذات. لكن في حالات أخرى، قد يكون الكذب متعمداً لخداع الآخرين أو لتحقيق مكاسب اجتماعية أو سياسية، كما في حالة بعض الشخصيات العامة التي تدّعي المثالية رغم أفعالها المشينة.

لماذا لا يفطنون لعدم تصديق الآخرين؟

قد يكونون محاطين ببيئة تدعم كذبهم (مثل أتباع يؤيدونهم).

قد يرفضون التفكير في وجهات نظر الآخرين بسبب النرجسية أو الإنكار.

الكذب المتكرر يقلل من قدرتهم على تمييز الحقيقة من الخيال، مما يجعلهم أقل وعياً بكيفية رؤية الآخرين لهم.

خلاصة التحليل النفسي:

هذا السلوك غالباً ما يكون مزيجاً من التضليل الذاتي والكذب المتعمد، مدفوعاً برغبة في حماية الذات من الشعور بالذنب أو تحقيق مكاسب.

 التغيرات في الدماغ الناتجة عن الكذب المتكرر قد تجعل الشخص أقل وعياً بتناقضاته، بينما الدفاعات النفسية مثل الإنكار والتبرير تعزز هذه الظاهرة. في النهاية، قد يصدّق الشخص كذبته جزئياً أو كلياً، مما يجعل من الصعب على الآخرين إقناعه بحقيقة أفعاله.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق