دراسات حديثة تسلط الضوء على تأثير هرمون الأوكسيتوسين على صحة القلب. إحدى الدراسات البارزة أُجريت في جامعة ولاية ميشيغان الأمريكية ونُشرت في 30 سبتمبر 2022 في مجلة "Frontiers in Cell and Developmental Biology". توصلت هذه الدراسة إلى أن الأوكسيتوسين، المعروف بـ"هرمون الحب"، قد يلعب دورًا مهمًا في تجديد خلايا القلب بعد الإصابة بنوبة قلبية.
تفاصيل الدراسة:
الاكتشاف الرئيسي: الأوكسيتوسين يحفز الخلايا الجذعية في الطبقة الخارجية للقلب (الأنسجة الخارجية) للهجرة إلى الطبقة الوسطى، حيث تتحول إلى خلايا عضلية قلبية مسؤولة عن تقلصات القلب. هذه العملية قد تساعد في إصلاح الأنسجة التالفة بعد نوبة قلبية، حيث تموت خلايا عضلة القلب بكميات كبيرة ولا تستطيع تجديد نفسها بشكل طبيعي.
التجارب: أُجريت الدراسة على أسماك الزرد (Zebrafish) والخلايا البشرية في المختبر. أظهرت النتائج أن الأوكسيتوسين ينشط آليات إصلاح القلب في كلا النموذجين، مما يفتح الباب أمام علاجات محتملة لتجديد القلب لدى البشر.
النتائج المحددة: بعد إصابة القلب، ارتفعت مستويات الأوكسيتوسين في الدماغ بنسبة تصل إلى 20 ضعفًا خلال ثلاثة أيام، مما يشير إلى دوره المباشر في عملية الشفاء. التجارب على الأنسجة البشرية في المختبر أكدت تأثيره الإيجابي.
التطبيقات المستقبلية: الباحثون، بقيادة الدكتور آيتور أغيري، يأملون أن يُستخدم الأوكسيتوسين يومًا ما في تطوير علاجات لإصلاح تلف القلب، خاصة أن تجديد القلب، حتى لو كان جزئيًا، قد يحقق فوائد كبيرة للمرضى.
فوائد أخرى للأوكسيتوسين على صحة القلب:
خفض ضغط الدم: يساعد الأوكسيتوسين في تقليل ضغط الدم، مما يحمي نظام القلب والأوعية الدموية من الإصابات.
تقليل الالتهاب: له خصائص مضادة للالتهاب، مما يدعم صحة القلب.
دراسات إضافية: دراسة أخرى أجراها البروفيسور أناتولي شميغول في جامعة الإمارات العربية المتحدة (2021) استكشفت التأثيرات المباشرة للأوكسيتوسين على الفيزيولوجيا الكهربية للقلب وتقلصاته، وأظهرت ارتباطه بزيادة قوية في الكالسيوم داخل الخلايا الليفية القلبية، مما قد يُسهم في تطوير علاجات جديدة لأمراض القلب.
ملاحظات:
الأوكسيتوسين الطبيعي قصير العمر في الجسم، لذا قد تكون هناك حاجة إلى أدوية طويلة الأمد لتحقيق فوائد علاجية مستدامة.
الدراسات حتى الآن أُجريت على نماذج حيوانية وخلايا بشرية في المختبر، وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث على البشر لتأكيد هذه النتائج.
طرق تعزيز الأوكسيتوسين طبيعيًا:
تشير الدراسات إلى أن أنشطة مثل الاحتضان، ممارسة الرياضة، الاستماع إلى الموسيقى، الغناء الجماعي، التدليك، قضاء الوقت مع الأصدقاء، والتأمل يمكن أن تزيد من إفراز الأوكسيتوسين، مما قد يدعم صحة القلب بشكل غير مباشر.
تقليل التوتر أحد أهم فوائد هرمون الأوكسيتوسين
هرمون الأوكسيتوسين، المعروف بـ"هرمون الحب"، يلعب دورًا مهمًا في تقليل التوتر من خلال تأثيراته الفسيولوجية والنفسية. إليك تفاصيل تأثيره على التوتر بناءً على الدراسات العلمية:
تقليل مستويات الكورتيزول:
الأوكسيتوسين يعمل كمضاد طبيعي للكورتيزول، وهو هرمون التوتر الرئيسي. عند إفراز الأوكسيتوسين، يتم تثبيط نشاط محور الغدة النخامية-الكظرية (HPA axis)، وهو النظام المسؤول عن إنتاج الكورتيزول استجابةً للتوتر.
دراسات، مثل تلك المنشورة في Psychoneuroendocrinology (2014)، أظهرت أن الأوكسيتوسين يقلل من استجابة الجسم للتوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول في الدم، مما يساعد على تهدئة الجهاز العصبي.
تعزيز الشعور بالهدوء والاسترخاء:
الأوكسيتوسين ينشط الجهاز العصبي السمبتاوي (Parasympathetic nervous system)، المسؤول عن حالة "الراحة والهضم"، مما يقلل من نشاط الجهاز العصبي الودي (الذي يرتبط بردود الفعل "القتال أو الهروب").
هذا التأثير يُترجم إلى شعور بالهدوء وانخفاض في معدل ضربات القلب وضغط الدم أثناء المواقف المسببة للتوتر.
تقليل القلق الاجتماعي:
الأوكسيتوسين يعزز الثقة والشعور بالأمان في التفاعلات الاجتماعية. دراسة نُشرت في Neuroscience & Biobehavioral Reviews (2015) وجدت أن إعطاء الأوكسيتوسين عبر الأنف (في التجارب) قلل من القلق الاجتماعي لدى الأفراد، خاصة في المواقف التي تنطوي على تقييم اجتماعي أو ضغط نفسي.
هذا التأثير يجعل الأفراد أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الاجتماعية المجهدة، مثل التحدث أمام الجمهور.
تعزيز التفاعلات الاجتماعية الإيجابية:
الأنشطة التي تحفز إفراز الأوكسيتوسين، مثل الاحتضان، اللمس الجسدي الإيجابي، قضاء الوقت مع الأحباء، أو حتى مداعبة الحيوانات الأليفة، تزيد من إفراز الأوكسيتوسين وتقلل من الشعور بالتوتر.
على سبيل المثال، دراسة أجريت في جامعة كارولينا الشمالية (2005) وجدت أن النساء اللواتي تلقين دعمًا عاطفيًا من شركائهن أظهرن زيادة في مستويات الأوكسيتوسين وانخفاضًا في استجابات التوتر الفسيولوجية.
تأثيرات مضادة للالتهاب:
التوتر المزمن يزيد من الالتهابات في الجسم، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل أمراض القلب. الأوكسيتوسين يقلل من إفراز السيتوكينات الالتهابية، مما يساعد في تخفيف الآثار السلبية للتوتر على الجسم (Brain, Behavior, and Immunity, 2016).
التطبيقات العلاجية:
يُجرى البحث حاليًا لاستخدام الأوكسيتوسين كعلاج محتمل لاضطرابات مرتبطة بالتوتر، مثل اضطراب القلق العام (GAD) واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). على الرغم من أن النتائج واعدة، إلا أن التأثيرات قد تختلف باختلاف الأفراد والسياق.
طرق تعزيز الأوكسيتوسين لتقليل التوتر:
التواصل الاجتماعي: قضاء وقت مع الأصدقاء أو العائلة، أو الانخراط في أنشطة تعاونية.
اللمس الجسدي: الاحتضان، التدليك، أو حتى مصافحة اليد.
الأنشطة المهدئة: اليوغا، التأمل، الاستماع إلى الموسيقى، أو الغناء.
التفاعل مع الحيوانات: مداعبة الحيوانات الأليفة تُحفز إفراز الأوكسيتوسين.
ملاحظات:
تأثير الأوكسيتوسين قد يختلف بناءً على السياق الاجتماعي والحالة النفسية للفرد. في بعض الحالات النادرة، قد يزيد الأوكسيتوسين من القلق إذا كان الشخص في بيئة غير آمنة أو عدائية.
هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم الجرعات المثلى وطرق إدارة الأوكسيتوسين كعلاج للتوتر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق