السبت، 5 مايو 2018

لماذا لا تستطيع النساء ابداء رد فعل عنيف على التحرش الجنسي؟




إن علم الأعصاب يمكنه أن يجيب عن تساؤل بعض النساء اللاتي تعرضن للتحرش ولم يتمكن من القيام برد فعل مناسب، لماذا لم يقلن "لا" ويرفضن هذا الفعل؟

إنه من المؤلم أن ترى الكثير من حالات التحرش الجنسي في الأخبار اليومية وخاصة وأن الرجل في أغلب هذه الحالات يؤكد أن المرأة كانت راضية عن هذا العمل، والا كانت غادرت المكان ورفضت ما يحدث بصوت عالي.

ويقول بعض الرجال أن ما يفعلونه ليس تحرشا طالما أن المرأة لم تغادر المكان وتعلن الرفض، إلا أن هذا الكلام هو أبعد ما يكون عن الواقع بحسب قول الخبراء في علاج أعراض ما بعد الصدمة.
فالمرأة التي تتعرض للتحرش تعاني في الواقع من صدمتين وليس صدمة واحدة، الصدمة الأولى تكون بسبب ما تعرضت له من إهانة، والصدمة الثانية بسبب لوم نفسها على عدم قدرتها على اتخاذ رد الفعل المناسب، وكلاهما مؤلمان بنفس القدر.

علم الصدمة

إن الجهاز العصبي للانسان لديه حالتين، الأولى وهي الحالة التي يشعر فيها بالأمان حيث يكون العقل هادئ وقادر على القيام بمهامه اليومية بكفائة، أما في حالة الدخول في حالة الخطر يغلق الدماغ أبوابه عدا ذلك الجزء الذي يختص باتخاذ موقف سريع اما الهرب أو المواجهة أو التجمد بدون اتخاذ أي رد فعل، وهي التقنية التي تساعد الانسان على النجاة في المواقف العصيبة، فعلى سبيل المثال اذا ما كنتِ في حالة استياء شديد قد لا تستطيعي الرد على من حولك وتفتقدي للكلمات المناسبة للموقف ويرجع ذلك الى أن عقلك قد دخل في حالة الخطر.

إن الجسم في حالة الخطر يوجه الاكسجين والمغذيات الى الجزء من المخ المختص برد الفعل عند الخطر تاركا الجزء المختص بالتفكير المنطقي بدون غذاء، وهنا لا يركز العقل على تقنيات حل المشكلة ويعتمد فقط على المشاعر الصادرة عبر الحواس الخمسة.

لماذا يختلف الأمر في حالة التجمد عنه في حالة اهرب أو واجه؟

ان الكثير من الناس قد سمعوا برد فعل الانسان الفطري في حالة الخطر والذي يتضمن المواجهة أو الهرب، وهي التقنية التي ساعدت البشر على الاستمرار لالاف السنين وحمتهم من الانقراض.
اما مسألة التجمد وعدم القدرة على الاتيان بأي رد فعل مناسب فهي مسألة تحدث عندما لا يجد الانسان مخرجا من المشكلة التي وقع فيها، وهي تقنية تستخدم لتقليل الخسائر الممكنة لأقصى درجة، ان المرأة تتجمد عند التعرض للأذى الجنسي والتحرش لأن الصدمة تجعلها غير قادرة على اتخاذ قرار مناسب للهرب من الخطر، وفي هذه الحالة قد يبدي بعض الناس صلابة وقوة بينما لا يبدي الأخرين اي رد فعل على الاطلاق.

إن تقنية التجمد تحدث عادة عندما يتعرض الانسان لصدمات نفسية متكررة، وهي تقنية قد تستخدمها الحيوانات أيضا بصورة فطرية لحماية نفسها من الأذى، فبعض المفترسات قد لا ترى الفريسة اذا ما تجمدت في مكانها ولم تبدي حراكا.

أعراض حالة التجمد

·       الشعور بأن افكارك ضبابية وغير واضحة
·       الشعور بالارتباك بدون القدرة على التعبير عن هذا الارتباك
·       الشعور بفقدان الأمل أو بأنك وقعت في المصيدة.
·       تنتابك رغبة شديدة في الهرب والخروج من هذا الموقف أو فعل شئ ما لايقاف المتحرش ولكنك لا تعرفي كيف تفعلي ذلك.
·       الشعور بأن أي رد فعل قد يزيد من سوء الوضع.

إن هذه التقنية تحدث عادة اذا ما كنتِ قد تعرضت لصدمات سابقة كالتعرض للتحرش في وقت سابق أو الوقوع ضحية للتلاعب أو كونك قد شعرتِ بالعار لأي سبب في وقت سابق، أو أنك تشعري بفقدانك للقوة والسيطرة ففي هذه الحالات يكون التجمد بدون ابداء رد فعل هو الخيار الأكثر أمنا للمخ، أي أنكِ قد فعلتِ ما أنتِ في حاجة اليه للنجاة من الموقف.

لقد حان الوقت للتوقف عن لوم الضحية، وبدلا من ان تقول لها لماذا لم ترفضي أو تهربي؟ قل لها أنها قد فعلت ما عليها فعله للنجاة من الموقف.

عليك أن توعي الأخرين بطريقة التي يتعامل بها المخ في مثل هذه الحالات وأن الصمت أو عدم القدرة على ابداء أي رد فعل لا يعني أبدا موافقة المرأة على ما تتعرض له من ايذاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق