اذا كنت تشبه الغالبية العظمى من الناس فربما
تكون فكرة الغفران مزعجة وليست سهلة بالنسبة لك فيما يخص اعداءك وذلك لا يجعل منك
شخصا سيئا ولكنه يجعل منك مجرد انسانا.
فعدم التسامح هو امر توارثناه خلال مراحل
تطورنا حتى يتمكن الانسان من حماية نفسه من الأشياء التي قد تسبب له الأذى والطريقة
الأسهل لتفادي تكرار الأذى هو بتفاديه من الأساس كلما أمكن ذلك.
وببساطة كل انسان يتحدث عن الغفران يجب ان
يضع في اعتباره الرغبة في الانتقام.
وسيلتا الانتقام الثأر والمبادلة السلبية
ان الانتقام بما فيه الانتقام العنيف من
الأمور الطبيعية والشائعة وهي منتشرة بشكل واسع في عالم الحيوان، وهي وسيلة
الطبيعة لتحقيق التعادل بين االكائنات، ومع ذلك فليس كل انواع الانتقام متماثلة.
وعلى سبيل المثال فإن تعبير "الأخذ
بالثأر" يمكن أن يغطي كل وسائل الانتقام ولكنه في حقيقة الأمر النوع الأكثر
تطرفا من الانتقام وهناك وسيلة اخرى يصطلح عليها العلماء باسم "المبادلة
السلبية".
الأخذ بالثأر
وهو النوع الأكثر تطرفا من الانتقام حيث
يتسبب الانسان لمن أذاه في الضرر ويختلط فيها مشاعر الكره والتفكير في أن هؤلاء
الذين تسببوا في الاذى مازالوا موجودين ويمكنهم ان يحدثوا المزيد من الأذى.
وهذا النوع من الانتقام يكون مدفوعا بسلوك
مهووس يصعب ايقافه، وهذا النوع من الانتقام في المجموعات يكون المحرك العنيد للعنف
السياسي من الأشخاص الكارهين كما هو الحال في الأراضي المحتلة على سبيل المثال.
واحدة من اهم الاسباب التي تجعل من السهل
اثارة الرغبة في الأخذ بالثأر بين المجموعات هو التطور حيث ان الانسان ورث من
اسلافه التحزب الى مجموعات صغيرة وتفضيل الراوبط بين الفرد وهذه المجموعة الصغيرة
على المجموعات الخارجية الأخرى فالانسان عادة ما يشك في نوايا وردود افعال الغرباء
وهو ما يمكن الاستفادة منه في صفوف القوميين المتحمسين.
وهذه العوامل تجعل من الانتقام سهل وواضح
بينما تبدو المصالحات والحلول الوسط غير مأمونة العواقب، الا أن نداء التسامح ربما
يبدو الأكثر منطقية في وقتنا الحالي منعا لتكرار الأخطاء التي ادت الى ظهور الزعيم
النازي هتلر.
المبادلة السلبية
ان العنف لا يكون دائما الرد في حالة اردنا
الانتقام، فالانسان عادة ما يغضب ولكنه لا يشعر بالكراهية بالضرورة فردود الأفعال
عادة ما تخضع للتفكير حيث لا يسعى الانسان للقضاء على الخصم في هذه الحالة.
وفي هذه الحالة يفكر الانسان في انه سيرد
الأذى الى من اذاه بشكل مماثل بعكس عملية الثأر التي تنبعث من الشعور بالكراهية
المفرطة حيث يسعى الشخص في هذه الحالة الى تدمير الخصم.
الغفران
ان المبادلة السلبية ربما تفتح الباب امام
الغفران ولكن الانسان يحتاج الى المزيد فالغفران يعتمد على قيم العلاقة الانسانية
ومدى أهميتها بالنسبة لنا وكذلك يتوقف على احتمالية تكرار التعرض للأذى من ذلك
الشخص.
ويمكن للاعتذار وحتى السياسي منه أن يدفع احد
الاطراف الى الغفران كما حدث مع السكان الأصليين لاستراليا الذين سامحوا
المستعمرين أو غفران الكنديين لمقتل جنودهم على يد نيران صديقة صادرة من الجيش
الأمريكي بعد اعتذار الولايات المتحدة الأمريكية.
شبكة من الدوافع المتشابكة
ان الرؤية من منظور الأخر وحجم العلاقة
ونوعها يمكن ان تكون عوامل مساهمة في عملية الغفران حيث انها تؤثر على نظام الدوافع
لدى الانسان وتساعده على تجنب التضرر مرة اخرى .
وفي المرة القادمة عندما تشعر بأن هناك من
اساء اليك فعليك ان توازن بين الدوافع البدائية نحو الانتقام وبين تقييم عواقب
الغفران وحماية نفسك من تكرار التعرض للأذى.
المراجع
https://www.psychologytoday.com/us/blog/evolutionary-politics/201904/why-is-forgiveness-so-difficult
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق