ماذا تعرف عن الزرادشتية ؟

 



الديانة الزرادشتية هي ديانة نشأت على أرض فارس في الألفية الثانية قبل ميلاد المسيح، ونبيها هو زراديشت الذي بشر بانتصار الخير على الشر، وتحدث عن الثواب والعقاب والجنّة والنار وتبحر في علوم الكونيات، وهي ديانة توحيدية يؤمن اتباعها بوجود إله واحد كلّي القدرة يتحكم في الكون ويخلق ما يشاء، وهو غير مخلوق ويعرف باسم "ربّ الحكمة" وهي أيضًا ديانة تدعم الإرادة الحرة للبشر في اختيار ما يشاؤون من عقائد، ويؤمن أتباعها بوجود الجن والملائكة، ولقد تأثرت الكثير من الديانات بما فيها الإبراهيمية والبوذية والغنوصية بما في الزرادشتية من تعاليم وأخلاقيات.

تاريخ الزرادشتية

احتلت الزرادشتية مكانة كبيرة لدى الدولة الفارسية بداية من عام 600 ق.م وحتى 650 م، وكانت ديانة الدولة الرسمية وحتى الفتح الإسلامي العربي لبلاد فارس بين عامي 633 م إلى 654 م فتعرض معتنقو الديانة لاضطهاد واسع وانخفضت أعدادهم لتصل إلى حوالي 110 ألف شخص في وقتنا الحالي، ويعيش أغلب هؤلاء في الهند وإيران وأمريكا الشمالية.

نصوص الزرادشتية

إن أهم نص في الزرادشتية هو "الأفستا" وهو يتضمن تلك الأقوال التي يعتقد أن زرادشت نفسه قالها، وهي بمثابة أشعار وترانيم تعبدية، وهي تعتمد على أن الإله الأسمى هو "أهورا مازدا" وأنه هو القوة الإبداعية التي تدعم وجود الكون ورفاهيته، ولقد منح مازدا البشر حرية الاختيار لعبادته أو عدم عبادته، فهم في النهاية مسؤولون عن خياراتهم، أما روح الشر فهي "أنجرا مانيا" ولقد تولدت هذه الروح من الفكر الشرير وهي القوة التي تناهض الحق والعدل والجمال وتقف ضد الإبداع والخلق.

وهذه الترنيمة من كتاب أفستا:

"أنا عالم أنك الحق وأنك مع العقل النير. هكذا أراك وأرى أيضاً أن الرب الحكيم بالغ العظمة له العرش والقصاص، بهذا القول من أفواهنا، سنحول بشر من فرائس للشر إلى كائنات عظيمة."

والأفستا مكتوبة باللغة الأفستية "الأبستاقية" القريبة من السنسكريتية الهندية القديمة، والكتاب مكتوب على 12 ألف رقعة من جلد البقر لم يبقى منها غير 38 ألف قطعة.

الخلق في الزرادشتية

بحسب الأفستا فإن الكون خلق منذ 12 ألف سنة وأن إله الخير كان يحكم ثلاثة الاف سنة قبل أن تظهر روح الشر وتحاول أن تفتن البشر وأن خلاص البشر في اتباع إله الخير المبدع الخالق والالتزام بالتعاليم الزرادشتية.

القيامة في الزرادشتية

بحسب الزرادشتية فإن هناك ثلاثة مخلصين سيأتون للأرض، الأول هو هوشيدر وظهر قبل زرادشت بألف سنة، والثاني سيظهر بعد زرادشت بألفي سنة وإسمه هوشيدر ماه، أما الثالث الذي يعتقد أنه المسيح المخلص فسيأتي للأرض بعد ثلاثة الآف عام من ظهور زرادشت وهو الذي سينشر العدل في الأرض بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا.

ويعتقد الزرادشتيون في أن الروح خالدة والجسد فاني، وأنه بعد الموت تذهب الروح للبرزخ بين الجنة والنار، وأن النار هي مكان موحش وبارد وليس ملتهبًا تكثر فيه الحيوانات المتوحشة التي ستعاقب المذنبين.

يقول زرادشت:

"حينما ينمو الشعير تنزعج الشياطين وحينما يحصد القمح يغشى على الشياطين فالبيت الذي يدخله القمح تخرج منه الشياطين مذمومة مدحورة. فالإنسان تركبه الشياطين إذا كان دون الحاجة وإذا كان فوقها أيضاً، فالشيطان هنا هو الفقر."

ممارسات الزرادشتية

تهتم ممارسات الزرادشتية بقيام الإنسان بالأعمال الصالحة وأن تكون أفكاره طيبة وكلماته طيبة وأعماله طيبة، وذلك للوصول للسعادة وتجنب الفوضى، وهي ديانة ترفض الزهد المبالغ فيه، وتبحث عن الاعتدال في جميع مناحي الحياة.

ولا تؤمن الزرادشتية بإعادة التجسد بعكس الديانات الهندية القديمة، ولكن الكثير منهم نباتيون.

الماء والنار في الزرادشتية

تعتبر الزرادشتية الماء والنار عنصرين أساسيين في الحياة ولازمين للتطهير، ولاستمرار الحياة، وهم يعتبرون أن النار وسيلة لاكتساب البصيرة ويعتبرون الماء مصدر الحكمة.

التشابه بين الزرادشتية والديانات الإبراهيمية

تتشابه الزرادشتية مع الديانات الإبراهيمية في العديد من الأشياء مثل مسألة التوحيد ومفهوم الجنة والنار والحساب، والإيمان بالملائكة والشياطين وأيام الخلق الأولى وحرية الإرادة .

وهناك اتفاق على أن الديانة اليهودية تأثرت بالديانات والتقاليد الفارسية على مر العصور، كما أن الزرادشتية أثرت على الديانة البوذية الشمالية.

يقول زرادشت:

"إني لأدرك أنك أنت وحدك الإله وأنك الأوحد الأحد، وإني من صحة إدراكي هذا أوقن تمام اليقين من يقيني هذا الموقن أنك أنت الإله الأوحد.. اشتد يقيني غداة انعطف الفكر مني على نفسي يسألها: من أنتِ، ولفكري جاوبت نفسي؛ أنا؟ إني زرادشت أنا، وأنا؟ كاره أنا الكراهية القصوى الرذيلة والكذب، وللعدل والعدالة أنا نصير! من هذه أتفكّر الطيبة التي تحوم في خاطري، ومن هذا الانعطاف الطبيعي في نفسي نحو الخير، ومن هذا الميل الفطري في داخلي إلى محق الظلم وإحقاق الحق أعرفك. من هذه الانفعالات النفسية والميول الفكرية التي تؤلّف كينونتي وتكوّن كياني ينبجس في قلبي ينبوع الإيمان بأنك أنت وحدك أهورا مزدا، الإله وأنك الأوحد الأقدس الخيّر الحق."

تعليقات