ان الانسان يمكن ان يتعلم من مراقبة غيره من
الناس، وفي بعض الحالات يكون الدرس المستفاد منهم حيوي وهام كما هو الحال عندما
يتعلم الطفل من امه ما الذي يؤكل وما الذي لا يجب أكله على سبيل المثال، ولكن في
بعض الحالات الأخرى لا يكون الدرس المستفاد بنفس الأهمية، كما هو الحال عندما ترى
شخص ما يطلب نفس الوجبة من المطعم عدة مرات، في مثل هذه الحالات يمكنك أن تتنبأ
بسهولة ما الذي سيطلبه في المرة القادمة، اضافة الى ذلك فإن هذا الطلب المتكرر
يمكن أن يؤثر على خيارك الشخصي فلابد أن المطعم يعد هذه الوجبة بشكل جيد.
ان مثل هذه الملاحظات أو الدروس الاجتماعية
تحتاج الى عملية معرفية معقدة كما انها تتضمن شيء من المحاكاة لما يدور في اذهان
الأخرين.
نظامان لاتخاذ القرار
واكتشف الباحثون في مجال علم الأعصاب بجامعة
كامبريدج مجموعة خاصة من الاعصاب في منطقة الامجداليا بمخ القرود وهي الجزء
المسؤول عن اتخاذ القرارات الخاصة بالحياة الاجتماعية.
هذه الأعصاب يمكنها قراءة افكار الغير أو
محاكاتها بناء على التعلم الذي يأتي من خلال ملاحظة أفعالهم.
وهذه المجموعة من الأعصاب يمكنها أن تساعد
الباحثين مستقبلا في فهم نظرية قدرات العقل الاجتماعية، كما انها قد تساعد في فهم
المشكلة وراء حدوث التوحد وبعض الاضطرابات التي تسبب صعوبات اجتماعية.
وتشير المعلومات الخاصة بالبحث الى وجود
نظامين منفصلين لاتخاذ القرارات في منطقة الامجداليا واحدة لاتخاذ القرارات
الشخصية والأخرى لاتخاذ القرارات الاجتماعية بحسب ما قال الباحث فابين جرابينهورست
المسؤول عن الدراسة.
والامجداليا هي الجزء من المخ المسؤول عن
الانفعالات بوجه عام وحتى وقت قريب كانت الكتب الدراسية تشير الى انها الجزء
المتعلق بتكيف الانسان مع المخاوف والتعرف على الأشياء التي قد تهدده، والابحاث
الحديثة تشير الى أن هذا الجزء من الدماغ يمكنه أيضا قراءة مشاعر الأخرين.
التجربة
ومنذ ان عرف الباحثون ان الامجداليا تدخل في
السلوك الاجتماعي للانسان وهم يحاولون فهم ما اذا كان اتخاذ القرارات يتوقف على
الملاحظات الاجتماعية وهو ما يجعل ادمغة البشر متجانسة وسلوكهم الاجتماعي متشابه
في العديد من الأمور.
ولفهم ذلك قام الباحثون باجراء تجربة على
قردين حيث جلس القردان متجاورين وبينهما لوحة تعمل باللمس يظهر عليها صور ملونة
وكل صورة تحمل امكانية الحصول على نوع من العصائر والتي يحبها القرود.
وفي البداية اختار كل قرد مجموعة الصور
الخاصة بالعصائر التي يفضلها هو، والقرد تعلم بالتكرار اي صورة هي التي يمكنه من
خلالها الحصول على افضل عائد كما أن كل قرد كان يلاحظ ما يفعله الأخر وما يختاره
وكل منهما يتعلم من اختيارات الأخر.
وخلال التجربة قام الباحثون بقياس نشاط
الأعصاب في منطقة الامجداليا لدى قرد من القردين، وكان القرد يقضي نصف الوقت في
عمل اختياراته الشخصية ونصف الوقت في متابعة خيارات زميله.
النتائج
فالقرد يتعلم من خلال تجربته الخاصة ومن خلال
ملاحظة ما يقوم به زميله على الجانب الأخر وهو ما اثبتته الدراسة العلمية
وبالاضافة الى ذلك فإن الباحثون رصدوا مجموعة عصبية تنشط في حالة اختيار القرد
الأخر لاختيار محدد ولا تنشط عند اختياره لشيء اخر، وهو ما يشير الى أن هذه الاعصاب
تتوقع اختيارات محددة من الطرف الأخر لأنها سجلت قيامه باختيار نفس الشيء سابقا.
وبعد ان تأكد الباحثون من وجود مجموعتين
مختلفتين من الأعصاب قاموا باعداد حسابات معقدة تبين كيف يمكن لهاتين المجموعتين
من الأعصاب ان تعملا سويا.
وخلص الباحثون في نهاية التجربة الى النظرية
القائلة بان هناك نوعين من انظمة اتخاذ القرارات في الدماغ على المستوى الشخصي
وعلى المستوى الاجتماعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق