لم يحدث أن سمح أي إنسان في أي وقت لشخص ما بالتعدي على الحدود الشخصية تحت أي دعوى إلا وكان عاقبته الندم.
ستجد الكثير من المبررات التي يمكنها أن تقنعك سواء بكامل إرادتك، أو بسبب الحرج، أو الشعور بالذنب.
ستقول إنهم في حاجة إليك، أو أنهم ضعفاء، أو أنهم بشكل ما ينتمون إليك، ولكن كل هذه الحجج ستسقط عندما تحتاج إليهم.
يقول يوسف السباعي:
"(اتق شر من احسنت اليه)
إنه مثل صحيح مائة في المائة، فإن الناس قد انطووا على الخبث والسفالة والدناءة، فليس أسهل على البشر من نسيان الاحسان، وانكار الفضل، واعتباره بمضي المدة حقًا لهم وواجبًا عليك نحوهم لابد لك من تأديته، فإذا أرغمتك الظروف على منعه عنهم ملأ نفوسهم السخط عليك والتبرم منك، واتهموك بانك ظالم قاس.
أجل يا سيدي، إن شر ما في النفس البشرية، هي أن تعتاد الفضل من صاحب الفضل,فلا تعود تحس به فضلًا، بل تراه أمرًا طبيعيًا، ويدفعها ما جُبلت عليه من طمع إلى أن تستزيد منه، وإلى أن تكون أول من تحسد صاحب الفضل على ما أعطاه الله وحباه.”
الحدود الشخصية هي هويتك فلا ينتزعها منك أحد
إن تنظيم حياتك، وحماية نفسك، والاستفادة بجهدك ووقتك، أمور من صميم حقك، فلا تجعل أحد من الناس يستغلك تحت أي مسمى.
لأن الناس في نهاية الأمر لا يقدرون ما فعلته لهم، ولا يتحرّجون في أغلب الأحيان من طلب المزيد.
وبينما أنت تجهد نفسك وتكلفها ما لا طاقة لها به من أجلهم، سيجدون دائمًا أن ما تقدمه ليس بكافيًا وأن عليك تقديم المزيد.
وإذا سقطت، لن تجد منهم إلا الشماتة، وسيكونون على استعداد للرقص على جثتك وتحصيل أي شيء يمكنهم الحصول عليه على حساب حياتك ووجودك.
أن أي حديث من هذا القبيل ليس بذات معنى طالما أنك لم تقع ضحية لمثل هؤلاء.
إنهم بقدر ما يأخذون منك يكنون لك حقدًا غير مبررًا، وبقدر ما تقدمه لهم من خير، يحسدونك على ما تبقى لك.
لا يُستثنى من هؤلاء حتى أقرب الناس إليك كأمك، أو أخيك، أو زوجك، فطالما أنت الذي تقدم وتبذل ما لديك ستكون ضحية لا محالة.
"عندما نخرج من حدودنا، نكتشف أن المعرفة ليست استكمالًا أو مكسبًا غير متوقع، ولكنها عملية طويلة من المراجعات أو التعديلات. وبالمثل، نحن ندرك أن الحكمة تنتج من التصفية المؤلمة للتجارب التي نجمعها على طريق الحياة الوعر."
في كل مكان عبر بجدية عن الحدود الشخصية
إن الحدود الشخصية هي ما يمنحك هويتك الإنسانية، وهي ما يعطيك مساحة شخصية للإبداع والتقدم في حياتك.
وإنشاء هذ الحدود والحفاظ عليها ليس صعبًا للغاية، ولا يعيبك أو ينقص منك بل بالعكس.
إصنع حدودًا لنفسك في المنزل، في العمل، ومع الأصدقاء، وفي كل مجالات الحياة، وحتى في الشراكات الرومانسية.
إن تلك الحدود هي ما يقول لمن حولك ببساطة ما الذي ستتقبله منهم، وما الذي لن تتقبله أبدًا.
وهي توفر لكل الأطراف درجة من الاحترام، وتجعلهم لا يبالغون في توقعاتهم، وينشيء بينكم علاقة صحية تتمتع بالأخذ والعطاء.
اقرأ أيضًا: أسباب فشل العلاقات الزوجية
الحدود الشخصية الصحية
إن الناس تختلف مهما تشابهت، وما قد يكون بالنسبة لك أمرًا عاديًا ربما يمثل للطرف الآخر شئ لا يمكن تقبله، والعكس صحيح.
ومن ذلك:
- ما الذي يعتبره كل طرف خيانة؟
- ما هي الحدود المالية التي لا يجب التعدي عليها؟
- ما هو مقدار الوقت الذي عليكما التواجد فيه معًا؟
ولبيان كل ذلك يحتاج الأمر إلى تواصل حقيقي وصادق وانفتاح على الآخر ويمكن أن تتغير الحدود من حين إلى آخر بالاتفاق وبحسب مستوى العلاقة.
إن هذه الحدود هي ببساطة أن يقول كل واحد منكما للآخر: "أنا أحبك كما أنت وسأعطيك مساحتك الخاصة."
إن مميزات العلاقة الصحية أن تتمتع بالتالي:
- الاستئذان قبل اتخاذ أي إجراء يؤثر على الطرفين.
- أخذ مشاعر الطرف الآخر بعين الاعتبار.
- إظهار الامتنان.
- اعطاء مساحة للشعور بالاستقلالية.
- إظهار الاحترام حتى مع الاختلاف في الرأي.
- تحمل مسؤولية الأفعال.
اقرأ أيضًا: حيل الشخصية النرجسية للهروب من المسؤولية
إشارات خطيرة لوجود اعتداء على الحدود الشخصية
- الحد من الحرية الشخصية سواء بانتقاد الملبس أو غيره من الأمور الشخصية يمكنه ان يعد اعتداءًا على الحدود الشخصية .
- محاولات السيطرة على الطرف الآخر وتكبيله.
- محاولات استغلال الطرف الآخر.
كيفية وضع الحدود الشخصية
عند بدء أي علاقة عليك أن تفعل التالي:
- ضع الحدود في بداية العلاقة ومن لا يتفق مع حدودك يمكنه أن ينصرف من حياتك دون خسائر.
- إطرح ما لديك بوضوح وتواصل مع الطرف الآخر قبل فوات الأوان.
- إبدأ حديثك بعبارات مثل "أشعر أن.." بدلًا من استخدام عبارات من قبيل: "أنت دائمً ما تفعل.." أو "أنت لن تفعل أبدًا..".
- لا تجد حرجًا في طلب مساحتك الشخصية أو الحصول على الوقت المناسب لك.
بعبارة آخرى
عليك أن تعتبر الحدود الشخصية إطار للعلاقة وليس إرشادات صارمة مقيدة للآخرين بشكل تام.
ضع في اعتبارك أن وجود الحدود الشخصية أمر صحي.
الحدود الشخصية طريق ذو اتجاهين يجب أن يمنح طرفي العلاقة الحرية والسعادة والراحة.
"نحن نغير سلوكنا عندما يصبح ألم البقاء على حالنا أكبر من ألم التغيير. العواقب تعطينا الألم الذي يحفزنا على التغيير."
- هنري كلاود و جون تاونسند
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق