السبت، 10 أغسطس 2024

كيف تؤثر صدمات الطفولة على حياتك القادمة؟ Childhood trauma

 


إن التعرض لأحد صدمات الطفولة يمكنه أن يغير حياتك والطريقة التي تنظر بها إلى العالم بصورة كاملة.

إنه أمر يؤثر حتى على سلوكك وعلى تفاعلك مع ضغوط الحياة وعلى صحتك بوجه عام.

ووجدت دراسة حديثة أن صدمات الطفولة يمكنها أن تتسبب في حدوث أمراض القلب وأمراض المناعة الذاتية.

ولكن يبقى الشفاء من تلك الصدمات أمر وارد وقابل للتحقيق إذا ما أردت ذلك فالعقل يمكنه أن يفعل المعجزات إذا سمحت له.

أحد صدمات الطفولة برواية من تعرض لها

يقول أحدهم أنه واجه أول صدمات حياته عندما عاد يوم ما من دراسته فوجد الإسعاف عند بيتهم وتبين له أن والده كان يعاني من مشكلة صحية.

يتذكر هذا الشخص ما شعر به في ذلك الحين حيث شعر بأنه غير قادر على الحركة وان قدميه متسمرتان.

وفي المشفى تعرض والده لخطأ طبي أودى بحياته، وانتهت طفولته في ذلك اليوم حيث سعى وإخوته للعمل من أجل تأمين مصاريفهم.

وعلى الرغم من أنه كان يبدو له أنه قد تجاوز الصدمة، إلا أنه كان يعاني من حالات إغماء في العام التالي لها.

ثم بدأت نوبات صرعية تظهر عليه في سنوات الدراسة الجامعية، وفي مرحلة عمرية متأخرة عاني من أعراض مرض من أمراض المناعة الذاتية الخطيرة.

وعلى الرغم من تعافيه إلا أنه انتكس مرة أخرى وحتى سأله الطبيب عن صدمات الطفولة التي تعرض لها.

لقد فتح أمامه بابًا للتعافي ووضع يده على مكان الآفة، حيث يمكن من هناك أن يحصل على الشفاء المرجو.

تأثير صدمات الطفولة على الصحة على المدى البعيد

 


 

لقد وجد الطبيب المعالج للحالة أن المرض الذي يعاني منه المريض أحد أعراض صدمات الماضي التي عاشها.

ووجدت دراسة أن تعرض الطفل للهرمونات التي تنتج عن الإجهاد والضغوط العصبية يمكنها أن تحدث تغيرات على مستوى الجينات وتكوين الدماغ لديه.

إنها تعيد ضبط استجابة الجسم للضغوط ليصبح في أعلى معدلاته دائمًا.

ويتسبب ذلك في حدوث مشكلات في القلب ويرفع من معدل الإصابة بالاكتئاب وأمراض المناعة الذاتية مثل الحالة المذكورة.

نماذج على صدمات الطفولة ذات الأثر الطويل الأمد:

-         طلاق الوالدين.

-         العيش مع أب أو أم يعانيان من الاكتئاب.

-         العيش مع مدمن على الكحول أو المخدرات.

-         العيش مع أسرة تحط من شأنك أو تحبطك.

-         العيش مع أسرة لا تدعمك.

-         العيش مع أسرة تثقل عليك بالمسؤوليات وتستغلك.

إن كل هؤلاء ترتفع لديهم نسب الإصابة بمجموعة من الأمراض في سن البلوغ مثل الصداع النصفي والسكري والقولون العصبي.

كيف تعالج صدمات الطفولة وتتجاوز تأثيراتها؟

 


 

إن العلاج يكمن داخلك دائمًا وهو يبدأ بفهم نفسك ومعرفة الروابط بين ما حدث لك في الماضي والطريقة التي تستجيب بها للتوتر والضغوط العصبية.

إن الكثير من الناس يجرّون خلفهم أشباح الماضي فهي تلاحقهم وتنغص عليهم عيشهم.

ولكن لا يجب أن تبقى عالقًا في الماضي سواء على مستوى الوعي أو اللاوعي، ومن أهم الطرق التي يمكنك التعافي بها من آثار الماضي:

الكتابة

إن الكتابة تساعدك على فحص ما بداخلك بتأني وتمعن، وإعادة النظر إليه مرة أخرى.

إنها تمنحك فهمًا أعمق لشخصيتك، ودوافعك، والجروح التي مازالت مفتوحة وتلك الغائرة التي ربما لا تشعر بها في حالات الوعي.

ولكنها باقية هناك تؤلم وتسبب الكثير من الآسى والمخاطر على مستوى اللاوعي. 

اقرأ أيضًا: أطلق مشاعر الغضب والإحباط بطريقة أمنة

مارس التأمل

تشير الأبحاث إلى أن التأمل يمكنه أن يزيد من حجم المادة الرمادية في الدماغ والتي عادة ما تتضرر بسبب صدمات الطفولة والتجارب السيئة التي تركت آثارها حتى على الجينات.

إن التأمل يمكنه أن يجعلك أكثر هدوءًا وأقل قلقًا ويعالج الاكتئاب، والكثير ممن عانوا من أعراض ما بعد الصدمة استجابوا للعلاج بالتأمل.

ويمكنك ممارسة التأمل في المنزل بالجلوس في مكان هادئ، وتفريغ ذهنك تماًما مع الاستماع إلى صوت موسيقى هادئة وضوء خافت – ربما شموع عطرية – وكلها أمور تساهم في إشاعة جو من الهدوء وتساعدك على تفريغ ذهنك.

قم يعد ذلك بالتركيز على التنفس، وعلى الشهيق والزفير بعمق وهدوء، وتخيل كل ما يؤلمك وينغص عليك عيشك يخرج من صدرك مع هواء الزفير ولا يعود أبدًا.

ممارسة اليوجا

أظهرت الأشعة المقطعية أن ممارسة اليوجا تقلل من تدفق الدم إلى لوزة الدماغ.

وهي المنطقة المسؤولة عن الإنذار وما يليه من ردود فعل بتدفق الدم للفص الجبهي والقشرة الدماغية.

إن ذلك يجعل الإنسان يستجيب للضغوط بأعصاب هادئة وبتركيز عالي ويستقبلها وهو في حالة من الاتزان.

وممارسة اليوجا تزيد من مستويات حمض جاما أمينوبيوتيرك الذي يحسن من وظائف الدماغ ويعزز من الهدوء ويحمي من القلق والاكتئاب.

تحدث إلى معالج

عندما لا تنجح في علاج نفسك ذاتيًا من صدمات الطفولة يمكنك دائمًا اتخاذ قرار اللجوء للمختصين.

فالحصول على دعم نفسي أمر مستحق ولا شئ فيه والمعالج الجيد يمكنه أن يستخرج من صدمات الماضي ما يقويك به على تحمل الحياة.

وهو يقلب سلبيات الماضي إلى إيجابيات ويفتح أمامك أبوابًا لم تتخيل وجودها وإمكانيات لم تحسب أنها لديك.

يمكنك أيضًا إيجاد الدعم من أشخاص يمرون بتجارب مشابهة والانضمام إلى مثل تلك المجتمعات سواء شخصيًا أو عبر الإنترنت.

العلاج بإزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها (EMDR)

وسيلة حديثة يمكن من خلالها استرجاع صدمات الطفولة بأمان ودون أن تحدث ذلك الأثر السيء المعتاد.

فتصبح تلك الصدمات غير مسببة للألم بل أنها تجعلك تشعر بالفخر لأنك تمكنت من النجاة من كل ما لاقيت من مشكلات.

ويتضمن هذا النوع من العلاج سرد الأحداث المسببة للألم بالتوازي من تحريك العينين ذهابًا وإيابًا باتباع يد المعالج أو نقطة ضوئية.

إن هذا يعيد تنظيم ودمج الروابط العصبية المتضررة التي تأذت بسبب التجارب السيئة ما لحق بها من تبعات وأضرار على المدى الطويل.

وبالتالي تقل الذكريات المخزنة في الحصين ويقل نشاط لوزة الدماغ كما يزيد حجم الحصين.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق