لا يمكنني إنكار الصدمة التي شعرت بها عند مشاهدتي لهذا الفيلم " Kinds of Kindness "، وخاصة مع بعض المشاهد المفرطة في عنفها أو في فحشها.
ولكن بعد تجاوز هذه الصدمة ستجد أن الفيلم ليس أكثر من كوميديا سوداء تصف ما يعيشه إنسان العصر الحديث.
إن هذا العنف والتحكم المفرط والفساد المطلق وقلب الحقائق الذي عرضه الفيلم، ما هو إلا صورة في مرآة الواقع الذي تجاوز ذلك بكثير.
لقد لمست أحد أنواع العطف الواقعية بنفسي بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم مباشرة، عندما أطلق أحدهم النار على جاره وكلاهما من سكان كومباوند فاخر.
والسبب أنه أظهر بعض "العطف" على الجراء التي تعيش مقابل منزله.
فما كان من جاره الذي يشغل والده منصبًا رفيعًا إلا أن جازاه على "عطفه" الذي اعتبره تشجيعًا للكلاب على العيش في المكان وإقلاق راحته بإطلاق النار عليه وضربه بالكوريك!.
أغنية التتر Sweet Dreams (Are Made of This)
لقد تم اختيار أغنية التتر بعناية شديدة فكم هي معبرة تلك الكلمات عما نعيشه في هذا العصر حيث أنت إما ظالمًا أو مظلومًا، وإما أكلًا أو مأكولًا.
غير مسموح لك أن تعيش بكامل إنسانيتك وتحافظ على كرامتك ووجودك وسط عالم تتحكم فيه الكلاب الذين لم يتركوا للبشر سوى الفتات.
تقول كلمات الأغنية المعروفة:
الأحلام الحلوة صنعت من ذلك..
من أنا كي أعترض!
لقد جبت العالم والبحور السبعة..
وكل إنسان يبحث عن شئ ما..
البعض يريد استغلالك..
والبعض يريد منك أن تستغله..
البعض يود إيذاءك..
والبعض يود أن تؤذيه..
الأحلام الحلوة صنعت من ذلك..
من أنا كي أعترض!
لقد جبت العالم والبحور السبعة..
وكل إنسان يبحث عن شئ ما..
فارفع رأسك عاليًا
وابقِ رأسك مرفوعًا..
أما عن الفيلم فهو يعرض صورًا عديدة للاستغلال من خلال ثلاثة قصص مختلف.
اقرأ أيضًا: تأملات حول فيلم المحرضون
القصة الأولى
تحكي القصة الأولى عن رجل يعمل لصالح رجل ثري، ولقد تحكم الثري في حياته تحكمًا تامًا حتى أنه يحدد له متى ينام ومتى يستيقظ، ماذا يأكل وإلى أي حد يجب أن يصل وزنه.
لقد اختار له زوجته وثيابه وبيته، وحدد له طعامه وشرابه وعلاقته بزوجته، وفرض عليهما عدم الإنجاب لأنه لا يود ذلك.
إنه يطلب منه أمورًا غاية في الغرابة لمجرد التسلية وإظهار الولاء، حتى أنه طلب منه الاصطدام برجل أخر - وافق على ذلك - وبعنف والتسبب في إصابة نفسه وإيذاء الأخر.
وعندما رفض تنفيذ ذلك، طرده من جنته، ولاحقه في لقمة عشيه وأخفى عنه زوجته وتركه نهبًا للضياع.
بل أنه استبدله بأخرى تنفذ له ما شاء دون النظر إلى ما يمكن أن تتعرض له هي من إيذاء، فالمال قد اشترى كل شئ.
إن هذا النموذج موجود بالفعل، فهناك من وصل به جنون التحكم إلى ما هو أبعد من ذلك وإذا ما خالفته فربما لن تجد لقمة العيش.
أو ستجد نفسك طريدًا في بلدك وبين أهلك والكل يخشى حتى من التحدث إليك خارج النص المكتوب له.
اقرأ أيضًا: أفضل أفلام أنجيلينا جولي
القصة الثانية
تحكي القصة الثانية عن ضابط شرطة "متعاطف" ومحب لزوجته التي خرجت مع زملائها في رحلة بحثية بالقارب ففقدت.
وعندما عادت شعر هو بتغيرها، فلم تعد هي ليزا التي يعرفها، لقد تبدل حالها.
وتقول هي أنها وجدت نفسها على جزيرة تحكمها الكلاب التي تتصارع على لحم الضأن بينما لا تترك للبشر هناك سوى الشيكولاتة لأنها تعاف أكلها!
فأصبحت ليزا طوال فترة تواجدها في الجزيرة مضطرة لأكل الشيكولاتة وحتى تبقى على قيد الحياة وحتى تمكنت من العودة.
لقد تعودت الرضوخ والتخلي، ويبدو أن هذا هو ما أثار شهية زوجها لالتهامها حية.
لقد طلب منها ان تعد له في أول الأمر إصبعًا منها ثم أكل كبدها وتركها نهبًا للموت.
هل تبدو الصورة مفزعة للغاية؟!
إنه أمر يحدث كل يوم وفي كل مكان وإن كان يحدث مجازيًا، فالبعض يود أن يأكلك حيًا ويتركك نهبًا للفقر والموت دون أن يزرف دمعة عليك.
القصة الثالثة
تحكي القصة الثالثة عن أحد الجماعات السرية التي لديها طقوسها الخاصة.
تلك الجماعات التي لديها خلط في المفاهيم وقلب للحقائق، فهي تجعل من العلاقات الطبيعية "دنس" وتجعل من العلاقات المدنسة "طهارة".
وهي تعاقب أحد أهم المنتمين لها بالطرد من جنتها بسبب عودتها لزوجها وطفلتها.
أما هي فتبحث عن امرأة لها قدرات روحية خاصة يمكنها أن تشفي المريض وتحيي الموتى وفي سبيل ذلك يموت الأبرياء ويعيش أقرب الناس إليها في جحيم لا يطاق.
تعليق
الفيلم من بطولة النجمة العالمية الحائزة على الأوسكار إيما ستون، مع جيسي بليمونز ووليم دافوي، ومن إخراج المنتج والكاتب والمخرج اليوناني الأصل يورجوس لانثيموس.
ولانثيموس هو نفسه الذي أخرج فيلم “Poor Things” لإيما ستون في العام الماضي، وله العديد من الأفلام المثيرة للاهتمام، وله أسلوبه المتميز .. فإما أن تحبه وإما أن تكرهه.
أما عن "أنواع اللطف" فبالرغم من الصدمة التي يمكن أن يحدثها بك، إلا أنه تصوير واقعي جدًا لهذا العصر البائس الذي اختفت منه معاني المحبة واللطف الحقيقيتين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق